حماية المستهلك- أسعار الأطباء الخاصة واستغلال المرضى في السعودية
المؤلف: عبدالله صادق دحلان08.05.2025

في ظل الافتقار إلى الضوابط والتشريعات والقوانين التي تنظم عمل أصحاب المهن، يصبح الأمر خاضعًا للأهواء والرغبات والاستغلال من جانب بعض أصحاب المهن. إن النظام الرقابي على الأسعار يهدف إلى حماية المستهلك بالدرجة الأولى والأخيرة، ويحول دون استغلال التجار أو مزودي الخدمات للمستهلك، وبالأخص الفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود. يعتبر نظام حماية المستهلك من أقدم الأنظمة التجارية التي بدأت منذ نصف قرن، وتضطلع وزارة التجارة السعودية بدور حيوي ومهم في حماية المستهلك بشكل عام، وصون أسعار السلع الغذائية الأساسية من مختلف أنواع التضخم. والحقيقة أن هناك جهودًا مضنية تبذلها وزارة التجارة لحماية المستهلك في مجالي الأسعار والجودة، ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه المساعي الحثيثة، تقع تجاوزات وانتهاكات للأسعار والجودة بعيدًا عن أعين الرقابة والمسؤولين، إما بسبب براعة الاحتيال في التسعير والجودة، أو لقصور الإمكانات المتاحة من قوى بشرية ومالية وآليات وتقنية في مراقبة السوق الهائلة التي تضم عددًا كبيرًا من المؤسسات والشركات النظامية وغير النظامية (التستر التجاري).
وانطلاقًا من دور الدولة في صيانة حقوق المواطن، تُبذل جهود مكثفة لمراقبة أسعار الفنادق والشقق المفروشة، وتقييم تكاليف الخدمات التعليمية الأهلية من مدارس أهلية سعودية ودولية أو كليات وجامعات خاصة، ومتابعة الرسوم الدراسية وعدم السماح بزيادتها إلا بأسباب منطقية ومقبولة تحظى بموافقة وزارة التعليم، وذلك عبر ضوابط ولوائح محكمة لحماية المصلحة العامة للطلاب وأولياء أمورهم. وينبغي أن يكون الأمر مماثلًا في متابعة وزارة الصحة للمستشفيات والمراكز الصحية والمستوصفات، وتحديد أسعار الخدمات الصحية وفقًا لنوعية ومستوى الخدمة المقدمة.
سأركز اليوم على أهمية قيام الدولة بحماية المواطنين والمقيمين من الارتفاع الملحوظ في أسعار الكشف الطبي في عيادات بعض الأطباء السعوديين من الجيل الجديد الذين ابتعثتهم الدولة وأنفق عليهم الملايين حتى تفوقوا في تخصصاتهم. إلا أنهم، وللأسف، استغلوا علمهم في تحقيق المكاسب المادية، على الرغم من أن معظمهم ما زالوا على رأس العمل كأعضاء هيئة تدريس في كليات الطب أو استشاريين في بعض المستشفيات الحكومية، ويعملون في الفترة المسائية في أيام الأسبوع في مراكز وعيادات طبية، ويفرضون أسعارًا باهظة للغاية، حيث وصلت تكلفة الكشف لدى بعضهم إلى (4000 ريال)، والبعض الآخر (3600 ريال)، وغيرهم (3000 ريال)، ويكررون نفس التسعيرة عند معاودة المريض، مع العلم أن المراجعة عادة ما تكون مجانية أو برسوم رمزية. يتعامل بعضهم مع مراكز الأشعة ومختبرات التحاليل الطبية مقابل حصولهم على نسب مئوية من فواتير المرضى المحولين من قبلهم. ويؤسفني بشدة أن وزارة الصحة تراقب وتفرض الأسعار على المستشفيات الخاصة، وتتجاهل في رقابتها مراكز العيادات الطبية الخاصة التي تسمح بعضها لأطباء غير نظاميين أو أطباء موظفين في جهات رسمية بممارسة المهنة دون الإفصاح عن أسمائهم وشهاداتهم وخبراتهم.
وعلى الرغم من اعتراض العديد من المرضى وتقديم شكواهم إلى وزارة الصحة، إلا أن غياب المتابعة من قبل الوزارة، نظرًا لانشغالها بأمور أخرى قد تكون أكثر أهمية، يدفع بعض الأطباء الذين يتاجرون بالمهنة إلى التمادي في ذلك، غير آبهين بوزارة الصحة أو بالمصلحة العامة للمرضى. لقد نسوا أن دولتهم هي التي منحتهم الفرصة للتعلم مجانًا في الجامعات الحكومية وأرسلتهم في بعثات على نفقة الدولة برفقة زوجاتهم وأبنائهم، ولكنهم للأسف لم يراعوا الجانب الإنساني في رعاية المرضى وتناسوا البعد الاجتماعي للمهنة.
أسجل اليوم هذه الظاهرة التي عايشتها شخصيًا بعد أن سمعت تذمر العديد من المرضى، فهل تستجيب وزارة الصحة وأخي معالي وزير الصحة لوضع لائحة لتكاليف الكشف الطبي للأطباء في العيادات الخاصة؟ علمًا بأن هناك لائحة للتكاليف الطبية معمول بها في العديد من الدول العربية والخليجية، والتي تلزم الأطباء بالالتزام بها، ومن يخالف هذه اللائحة برفع أسعار الكشف سيتعرض لعقوبة الغرامة، وفي حال تكرار المخالفة، سيعاقب بسحب ترخيص مزاولة المهنة.
لقد تجاوز بعض الأطباء الشباب الحاصلين على الدكتوراه من بعثات الدولة في الخارج الحدود في التعسف برفع أسعار الكشف في عياداتهم الخاصة، في حين أن أساتذتهم من الأطباء المخضرمين يحافظون على شرف المهنة من خلال الحفاظ على أسعار الكشف لتكون في متناول الجميع. بل إن بعض الرواد بادروا إلى منح تخفيضات تصل إلى 50% لذوي الدخل المحدود، وقدم البعض الآخر استشارات طبية مجانية في أيام الإجازات في عياداتهم الخاصة.
إن مطالبتي اليوم هي بضرورة تدخل وزارة الصحة لوضع حد لهذه الممارسات الاستغلالية للمرضى من المواطنين والمقيمين ذوي الدخل المحدود والمعوزين، وإذا جاز لي الاقتراح، فإنني أقترح مقاطعة هؤلاء التجار من الأطباء حتى يعودوا إلى رشدهم ويلتزموا بشرف وأخلاقيات المهنة.
*كاتب اقتصادي سعودي
وانطلاقًا من دور الدولة في صيانة حقوق المواطن، تُبذل جهود مكثفة لمراقبة أسعار الفنادق والشقق المفروشة، وتقييم تكاليف الخدمات التعليمية الأهلية من مدارس أهلية سعودية ودولية أو كليات وجامعات خاصة، ومتابعة الرسوم الدراسية وعدم السماح بزيادتها إلا بأسباب منطقية ومقبولة تحظى بموافقة وزارة التعليم، وذلك عبر ضوابط ولوائح محكمة لحماية المصلحة العامة للطلاب وأولياء أمورهم. وينبغي أن يكون الأمر مماثلًا في متابعة وزارة الصحة للمستشفيات والمراكز الصحية والمستوصفات، وتحديد أسعار الخدمات الصحية وفقًا لنوعية ومستوى الخدمة المقدمة.
سأركز اليوم على أهمية قيام الدولة بحماية المواطنين والمقيمين من الارتفاع الملحوظ في أسعار الكشف الطبي في عيادات بعض الأطباء السعوديين من الجيل الجديد الذين ابتعثتهم الدولة وأنفق عليهم الملايين حتى تفوقوا في تخصصاتهم. إلا أنهم، وللأسف، استغلوا علمهم في تحقيق المكاسب المادية، على الرغم من أن معظمهم ما زالوا على رأس العمل كأعضاء هيئة تدريس في كليات الطب أو استشاريين في بعض المستشفيات الحكومية، ويعملون في الفترة المسائية في أيام الأسبوع في مراكز وعيادات طبية، ويفرضون أسعارًا باهظة للغاية، حيث وصلت تكلفة الكشف لدى بعضهم إلى (4000 ريال)، والبعض الآخر (3600 ريال)، وغيرهم (3000 ريال)، ويكررون نفس التسعيرة عند معاودة المريض، مع العلم أن المراجعة عادة ما تكون مجانية أو برسوم رمزية. يتعامل بعضهم مع مراكز الأشعة ومختبرات التحاليل الطبية مقابل حصولهم على نسب مئوية من فواتير المرضى المحولين من قبلهم. ويؤسفني بشدة أن وزارة الصحة تراقب وتفرض الأسعار على المستشفيات الخاصة، وتتجاهل في رقابتها مراكز العيادات الطبية الخاصة التي تسمح بعضها لأطباء غير نظاميين أو أطباء موظفين في جهات رسمية بممارسة المهنة دون الإفصاح عن أسمائهم وشهاداتهم وخبراتهم.
وعلى الرغم من اعتراض العديد من المرضى وتقديم شكواهم إلى وزارة الصحة، إلا أن غياب المتابعة من قبل الوزارة، نظرًا لانشغالها بأمور أخرى قد تكون أكثر أهمية، يدفع بعض الأطباء الذين يتاجرون بالمهنة إلى التمادي في ذلك، غير آبهين بوزارة الصحة أو بالمصلحة العامة للمرضى. لقد نسوا أن دولتهم هي التي منحتهم الفرصة للتعلم مجانًا في الجامعات الحكومية وأرسلتهم في بعثات على نفقة الدولة برفقة زوجاتهم وأبنائهم، ولكنهم للأسف لم يراعوا الجانب الإنساني في رعاية المرضى وتناسوا البعد الاجتماعي للمهنة.
أسجل اليوم هذه الظاهرة التي عايشتها شخصيًا بعد أن سمعت تذمر العديد من المرضى، فهل تستجيب وزارة الصحة وأخي معالي وزير الصحة لوضع لائحة لتكاليف الكشف الطبي للأطباء في العيادات الخاصة؟ علمًا بأن هناك لائحة للتكاليف الطبية معمول بها في العديد من الدول العربية والخليجية، والتي تلزم الأطباء بالالتزام بها، ومن يخالف هذه اللائحة برفع أسعار الكشف سيتعرض لعقوبة الغرامة، وفي حال تكرار المخالفة، سيعاقب بسحب ترخيص مزاولة المهنة.
لقد تجاوز بعض الأطباء الشباب الحاصلين على الدكتوراه من بعثات الدولة في الخارج الحدود في التعسف برفع أسعار الكشف في عياداتهم الخاصة، في حين أن أساتذتهم من الأطباء المخضرمين يحافظون على شرف المهنة من خلال الحفاظ على أسعار الكشف لتكون في متناول الجميع. بل إن بعض الرواد بادروا إلى منح تخفيضات تصل إلى 50% لذوي الدخل المحدود، وقدم البعض الآخر استشارات طبية مجانية في أيام الإجازات في عياداتهم الخاصة.
إن مطالبتي اليوم هي بضرورة تدخل وزارة الصحة لوضع حد لهذه الممارسات الاستغلالية للمرضى من المواطنين والمقيمين ذوي الدخل المحدود والمعوزين، وإذا جاز لي الاقتراح، فإنني أقترح مقاطعة هؤلاء التجار من الأطباء حتى يعودوا إلى رشدهم ويلتزموا بشرف وأخلاقيات المهنة.
*كاتب اقتصادي سعودي